فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: قالت تقارير عبرية، اليوم الاثنين، إن جيش الاحتلال أبلغ ببدء عملية إجلاء الفلسطينيين من مدينة رفح الحدودية جنوب قطاع غزة والتي ستشمل في هذه المرحلة وفقا لمزاعم جيش الاحتلال نحو 100 ألف فلسطيني، تمهيدا لعملية عسكرية برية في خضم التحذيرات الدولية والأممية من حمام دم في رفح المكتظة بالسكان والنازحين وسط تأكيدات أممية بأنه لا يمكن إجلاء هذا العدد الكبير من السكان والبالغ عددهم 1.2 مليون.
ويرى محللون سياسيون، أن الاحتلال بدأ بخطوته التي أعلن عنها اليوم تزامنا مع ترقب رد حركة حماس على المفاوضات، في محاولة للضغط عليها، وكذلك التوضيح لإدارة بايدن أن نتنياهو لا يتصرف بتسرع لشن عملية عسكرية في رفح واتخاذ خطوات بمعزل عن الإرادة الأمريكية بالخصوص.
ويأتي ذلك وسط تأكيد حركة حماس في تصريح صادر عن عضو مكتبها السياسي، عزت الرشق، بأن أي عملية عسكرية في رفح ستضع المفاوضات في مهب الريح.
وفي وقت سابق، قال الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، إن الاحتلال يبحث عن نصر مزعوم في كل مكان، ولكن في كل مكان يبحث فيه عن هذا النصر سيجدنا هناك نسفك دماء جنوده، ومزاعم ربط الاحتلال الانتصار بدخول رفح وتدمير ما تبقى فيها من كتائب هي محاولة فقط للشعور بنصر مزعوم.
وقال المحلل السياسي محمد هلسة، إن الاحتلال يحاول ممارسة ضغط عسكري على المقاومة من خلال رفح لخلق مسار سياسي يفضي إلى هدنة، من خلال الضغط على الحاضنة الشعبية والبنية التحتية واستهداف المدنيين بادعاءات قدرتها على ثني المقاومة عن شروطها.
وأضاف هلسة في لقاء خاص لـ "شبكة قُدس"، أن ما جرى الإعلان عنه اليوم هو تحرك منسجم مع موقف نتنياهو وحكومته ومجموعة من الجمهور الإسرائيلي الذين لا يريدون لهذه الحرب أن تتوقف.
ويرى هلسة أن نتنياهو على مدار هذه المواجهة ظل ينادي بالنصر التام وصور رفح على أنها تهديد وجودي لمستقبل ووجود الاحتلال وأمنه القومي، لذلك يقرّ اليوم ما دعا إليه في محطات سابقة.
وأوضح، أن هذه الخطوة تأتي كذلك في سياق اللحظة الأخيرة للضغط على المقاومة وكسر كل الخطوط الحمراء، وكذلك نتنياهو أعلن في وقت سابق أنه سواء أنجزت صفقة أم لا فإنه ذاهب إلى رفح.
ووفقا لـ هلسة، فإن نتنياهو يرغب في إطالة أمد الحرب للتملص من المساءلة التي ستلاحقه، وللمحافظة على استقرار ائتلافه وحياته السياسية.
وحول ما يمكن أن يحققه الذهاب إلى رفح، يقول المحلل السياسي، إن قضية الأسرى لا يريد الاحتلال أن يتعامل معها كقضية استراتيجية في كل مرة، لذلك يحاول تثبيت قاعدة جديدة تخص الأسرى بمعنى أن الاحتلال غير مستعد للمساومة على قضية الأسرى، ولا مانع لديه من إضافة الاسرى لدى المقاومة إلى خانة القتلى.
فيما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أن نتنياهو لا يزال مترددا ويفضل الحرب على الصفقة ويتعرض لضغوط كبيرة من بن غفير وسموترتيش بحل الحكومة إذا مرر الصفقة ويعتقد أنه قادر على البقاء بالحكم فترة أطول إذا استمرت الحرب على أمل أن يحقق النصر المطلق الذي وعد به وربط بينه وبين اجتياح رفح.
وفي بيان لها، قالت حركة حماس، إن الخطوات التي يتّخذها جيش الاحتلال تحضيراً للهجوم على مدينة رفح المكتظة بقرابة المليون ونصف المليون من النازحين، وإنذاره السكان بإخلاء المناطق الشرقية منها، وسط قصف جوي ومدفعي متواصل، خلَّف مجازر في المدنيين الأبرياء؛ هو جريمة صهيونية تؤكّد إصرار حكومة نتنياهو على المضي في حرب الإبادة ضد شعبنا، مدفوعاً بحساباته السياسية المرتكزة على التهرُّب من استحقاقات أي اتفاق يُنهي العدوان، دون اكتراث للكارثة الإنسانية المتواصلة في القطاع، أو لمصير أسرى العدو في غزة.
وأكدت أن أي عملية عسكرية في رفح؛ لن تكون نزهةً لجيش الاحتلال الفاشي، وأن مقاومتنا الباسلة وعلى رأسها كتائب القسام، على أتَمِّ الاستعداد للدفاع عن شعبنا ودحر هذا العدو وإجهاض مخططاته وإفشال أهدافه.
ودعت الحركة، المجتمع الدولي، للتحرُّك العاجل لوقف هذه الجريمة، التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ، كما دعت المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة الأونروا، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها، أو الرضوخ لإرادة الاحتلال واستمرار القيام بدورها في تقديم العون للنازحين المدنيين العزل، الذين يتعرّضون لأبشع الجرائم بفعل آلة القتل الصهيونية، المدعومة بلا حدود من الإدارة الأمريكية الشريكة في حرب الإبادة.
من جانبه، قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن إعلان الاحتلال أن مناطق شرق رفح مناطق خطرة يجب إخلاؤها من الفلسطينيين؛ يؤكد نية الاحتلال المبيتة لشن عدوان على مدينة رفح ويتوافق مع التصريحات المعلنة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو ما يدلل أن الاحتلال ذهب إلى مفاوضات التهدئة مخادعا دون التخلي عن فكرة العدوان الواسع على رفح.
وأكد، أن الاحتلال لم يتوقف لحظة في كل مناطق قطاع غزة، وحتى رفح لم تسلم طوال الفترة الماضية من عمليات القصف والتدمير، وإعلان اليوم يأتي استمرارا لنهج الجرائم والإبادة ضد شعبنا، ويهدد حياة مليون ونصف فلسطيني يتواجدون برفح، رغم كل التحذيرات الدولية والإنسانية لمخاطر أي عدوان بري على رفح.
وأشار الإعلام الحكومي، إلى أنه "رصدنا تجاوبا محدودا من الأهالي مع أوامر الإخلاء الإسرائيلية، وما زالت المؤسسات الحيوية شرق رفح تعمل كالمعتاد، وفي مقدمتها معبر رفح البري ومستشفى أبو يوسف النجار، وهو ما يعكس إصرار شعبنا على إفشال مخطط الاحتلال وإيصال رسالة واضحة له بأنه لن يحقق من إجرامه في رفح إلا ما جناه في المدن الأخرى".
وبحسب الإعلام الحكومي، فإن هذا الإعلان لجيش الاحتلال يؤكد صوابية الموقف الفلسطيني المفاوض وإصراره على ضرورة ضمان وقف العدوان كمتطلب أساسي لإتمام صفقة تبادل الأسرى؛ موضحا: فقد أثبتت التجارب السابقة أن المجرم نتنياهو يريد القضاء على الأسرى بالقصف أو استعادتهم بثمن بخس، ليتسنى له مواصلة عدوانه على شعبنا.
وشدد على رفض مزاعم الاحتلال بربط هذا الإعلان بعملية المقاومة في موقع كرم أبو سالم العسكري، فالعدوان على مدينة رفح مستمر منذ اليوم الأول لجريمة الإبادة، حيث ارتقى برفح نحو 2000 شهيد حتى اللحظة. معتبرا أن الإعلان اختبار حقيقي لجدية المواقف الدولية المحذرة والرافضة لأي عدوان بري على مدينة رفح، ويضع مصداقية كل الجهات التي أعلنت مواقف رافضة للعدوان على رفح وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية على المحك.
فيما طالبت الرئاسة الفلسطينية، الإدارة الأميركية بالتدخل الفوري لمنع وقوع هذه المجزرة "التي نحذر من تداعياتها الخطيرة"، مشددة على أن اجتياح رفح يعني أن مليونا ونصف مليون فلسطيني سيتعرضون لمذبحة إبادة جماعية، ومحاولات تهجير.
وقال المفوض العام للأونروا، إن أي هجوم عسكري إسرائيلي سيزيد من مأساة الناس التي لا تطاق في غزة، وسيزيد من صعوبة عكس آثار توسع المجاعة التي هي من صنع الإنسان.
وأضاف، أن "ما نحتاجه هو وقف إطلاق النار الآن، وليس نزوح قسري جديد والقلق من المعاناة لا تنتهي، وسنبقى ونقدم المساعدة الحيوية في رفح لأطول فترة ممكنة".
وفي سياق متصل، قالت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، إن مسيرة الحماقة السياسية والأمنية التي قادت الاحتلال إلى 7 أكتوبر لم تتوقف عند هذا الحد؛ بل تحوّلت إلى خطاب أصم وثرثار يتكون أساسًا من شعارات جوفاء من قبيل "النصر المطلق" و"رفح الآن".
وأضافت، أنه "منذ 7 أكتوبر لم يعد بنيامين نتنياهو "سيد الأمن"، لكنه نجح في سجن الإسرائيليين بمعضلة أن وقف الحرب يعني الخسارة، وفي الواقع لا يوجد "نصر كامل"، وبعد هذا الفشل الذريع من المشكوك فيه أن يكون هناك "انتصار" ومن المشكوك فيه أيضًا أن يغير احتلال رفح المعادلة، لكنه سيؤدي لخسارة حياة الجنود والأسرى".
وأكدت الصحيفة، أن إعادة الأسرى ضمن صفقة ليس "خسارة" لكنه واجب أخلاقي بالدرجة الأولى.